صباح الخير عمرو واكد

بعد ليلة خالية من النوم والتي ملأتها فيديوهات يوتيوب من الثورتين المصرية والسورية الأولى من أجل التحريض والتعبئة والثانية من أجل الأمل، شاهدت لقاءا مع الفنان عمرو واكد.

لا أنسى الشعور بالإعجاب الذي ملأني حين شاهدت عمرو واكد لأول مرة في فيلم “ذيل السمكة” للمخرج سمير سيف والذي لم يكن عظيما أي الفيلم إلا أني ولأول مرة أرى ممثلا شابا يتلو أبياتا من الشعر لصلاح جاهين طوال الفيلم حيث يلعب عمرو واكد دور أحمد كشاف النور الذي يكتشف بلده بكل “شربكاتها” واختلال المنطق فيها عن طريق فحصه لعدادات الكهرباء في بيوت الناس على اختلافها. أحمد شاعر بالفطرة إلا أنه لا يتكسب من هذه الهبة بل يؤلف أبياتا من الشعر في الحمام حين يحاول التخلص من رائحة الطورشي التي تسكن جلده بعد وقوعه في برميل الطورشي في أحد الدكاكين التي يفحص عدادها ويسترسل في شعره حين يشعر بالظلم.

في فيلمه القصير “لي لي” أقنعني عمرو واكد بتدينه والاضطراب الذي يودي به إلى صراع شديد مع نفسه حين يرى امرأة شبقة جميلة لأول مرة عن قرب رغم انزعاجي الشديد من تصوير الفيلم المبتذل للمرأة إلا أن أداء عمرو واكد من القوة بحيث يمكنك تجاهل الكثير من التفاصيل المهمة وغير المهمة.

في فيلم “أحلى الأوقات” جسد شخصية بتاع العرايس الذي ترك تخصصه راكضا وراء هواية لا يقدّرها أحد وكأنه بهذا الدور يتحدث عن أزمة جيل وذهنية كاملين إذ تعاني غالبيتنا من التخبط حتى في دراستنا بين الاختصاصات المقبولة والمطلوبة والتي تتلاءم مع خزعبلات المجتمع وبين ما نحب، أنا بدوري استنتجت أن حياتي ستظل متوقفة إن لم أترك اختصاصي في الجامعة بعد سنتين ونص السنة من البكاء والشرود وعدم الانسجام والشعور بالفشل.

يأتي دوره في فيلم “جنينة الأسماك” للمخرج يسري نصر الله الذي أفخر جدا بقدراته الإخراجية وأتبجح بأصوله الفلسطينية، كان عمرو واكد طبيب تخدير يجري عمليات ما يسمى بالترقيع بعد ساعات دوامه الاعتيادية في عيادة مخفية تظهر تماما عادات مجتمعنا الذي يخبيء كل شيء ويمارس الكذب بمهارة مبهرة.

المهم أن عمرو واكد ليس ممثلا رائعا فقط بل هو مثقف حر يحركه ما يحرك الشارع تماما كما ينبغي أن يكون المثقف والفنان جزء من الشارع ومن همومه ولا يكتفي بالأجر الذي يتقاضاه على دور قدمه أو على كتاب باع منه آلاف النسخ. يبدو كلامي ساذجا وحالما لكن المتلقي والذي بيده أن يحكم على الفنان لديه مطلق الحق في تقييم الفنان ورفع سقف مطالبه منه بما أننا في عهد رفع سقف المطالب.

إن قوائم العار كفيلة بتحجيم أشباه “الفنانين” أما أنا فيفرض عليّ تفاؤلي وتأثير الثورات الشابة أن أرى الجانب المشرق فحسب.

أضف تعليق